العالم صُنع للأحرار. طيور السماء حرة وأسماك البحر حرّة والناس خلقوا أحراراً. فالحرية أساس وجود الكون وأهم شرط لاستمراريته. وبين لبنان والحرية ما هو أكبر من علاقة وثيقة، بل الحرية للبنان واللبنانيين هي النفس والروح والعصب.
وتبقى قلة من الناس من مختلف المجالات تهاب الحريّة والمواقف الكبيرة وتظنّ أن الوقوف في ظل القويّ يقوّيهم والتصفيق للكبير يجعلهم كباراً. هؤلاء هم “طبّيلة البلاط”. ويعيش طبّيلة البلاط في خلفية المشهد، وهم نوعان:
هناك من يبقى في ظل “الملك” لاعتقاده أن ما يقوم به يحميه، فإرضاء الملك وموافقته مهما قال يبقيه بأمان منه ومن التغيير المفترض. ومنهم من يعتقد أن استراتيجيتهم هذه ستمكنهم من الوصول يوماً ما الى الصفوف الأمامية حيث الأضواء والبريق والحدث. ويحلمون أن ينتقلوا من التهليل للأحداث الى صنعها.
الأحلام مشروعة والطموح ضرورة، لكن السبيل الى تحقيقها يبقى هو الأساس. فعدم المواجهة خوفاً من أن يستبعدهم القائد، الذي غالباً ما يكون المستفيد الأكبر من تهليلهم وتطبيلهم، يجعلهم أداة ليس الّا بيد من يحكم أو يدير. لا ينطبق هذا التوصيف على سياسيي الصف الأول فقط، بل على كل من يتعاطى الشأن العام أو الخاص من موقع متقدّم في البلد أو داخل حزب أو مؤسّسة.
أقول هذا الكلام لأوضح أن نوعية الناس هذه، هي سبب مآسينا في لبنان. نشهد يومياً على أحداث موجعة وجرائم وقحة ترتكبها السلطة؛ اغتيالات، قمع، مكابرة، تخويف بالحرب ومحاولات إخفات أصوات الناس.
وسط المنعطف الكبير الذي يمر به البلد، يعوّل الأحرار على أصوات رافضة لكل هذا الكفر الظالم. لكن الأصوات المعارضة تبقى فرديّة خجولة لا ترتقي الى متطلبات اللحظة.
فالمعارضة يحب أن تتخذ من الشارع مقراً بدلاً من القلاع المحصّنة، وتقدم على خوات جريئة، فالخطابات وحملات مواقع التواصل لا تطعم فقيرا، ولا تعيد مهاجرا ولا تستعيد سيادة.
الحملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي مهمة ولكن ضمان استمرارية المجتمع هو الأهم. التلهّي بالقشور خاصة عند قادة الفئات الشبابية لم يعد من الأمور التي يُسكت عنها.
فيا سادة، لا تصدقوا أن ما تقومون به هو الصواب، فقط لأن “حاشيتكم” تصفق لكم مع كل مشروع “ولّادي” تطلقونه، ولا تدَعوا التطبيل ينسيكم أن دوركم أكبر من هذا بكثير، فأسلافكم الأبطال دفعوا حياتهم في الكثير من الأحيان في سيبل استكمال مشروع لبنان السيد المستقل، وأنتم اليوم أصبحتم أبطال بروبغندات مضلّلة وإنجازات ورقيّة.
والى الجمهور والأرضية أقول، راجعوا حساباتكم، هل المهادنة تشبهكم؟ هل هذا ما يحتاجه البلد منكم؟ لا تخافوا من التغيير الى الأفضل، ولا تتردّدوا بانتقاد الأفكار التافهة. فارفعوا أصواتكم واسترجعوا الحرية لحناجركم، وارفضوا أن يستغلّكم أحداً، فأنتم مستقبل البلد والكل يعوّل عليكم، مكاسب “التَطبيل” قليلة يا سادة… تعوّدوا على قول الـ“لا“.